ويغلب أن يتوارث الناس الكفر والإيمان كما يتوارثون اللغات والألــوان، فإنَّ البيئات تفترض نفسها على الأجيال الناشئة فرضاً حاسماً.
بَيْد أنَّ هناك اختلافاً بين وارثة الدين اللغة، فالمرءُ يتحدَّث باللغة التي ورثها بلا حَرَج ولا عائق ! فهل كذلك الموقف مع الدين الموروث؟
هناك فروق شتى تكثر وتقلّ مع مقدار الذكاء الشخصي ومع مقدار الصحة في العقيدة الموروثة.
وما أظنُّ بشراً يخلو من أحاديث نفسية حول قيمة مواريثه كلهــا، لا سيما عند فترة النضج، وعندما تسنح فرصةُ للمقارنة بين معتقد وآخر..!!
وقد رأيت القرآن
الكريم يعرض نفسه على البشر متسللًا إلى أقصى الضمير، مُحَاوِراً كل الهواجس المتحركة في أعماق الِإنسان، يناجي بِرقَّة حيناً، ويخاطب بشدة حيناً آخر، قد يُعرض إعراضاً سريعاً ليعود على عجل، وهو في حَالي الإعراض والعودة يطلب من المرء أن يفكر ويتأمَّل وينصفَ ويستقيم.
أظنني أحصيت نحو 120 آية قرآنية تتحدث مع خصوم الإسلام. تعالج التقاليد المؤثرة فيهم، وتساعد نوازع الخير التي تتمرد عليها، وتدعم العقل في عِراكِه مع الهوى، وتقوّي فطرةَ التوحيد وهي تصارع الشرك، وتطفئ نيرانَ العناد، وتمزق حجب الغفلة، وتقود الناس قوداً رفيقاً إلى ربهم!.
وقد عشت طويلًا مع هذه الآيات الكثيرة، وأحسست أنها نسائم من رحمة الله بالمخالفين. وكم قدَّرْت مشاعر الرفق والتلطف في قول الله لنبيِّه: