كليمات المدير العام
الدولة : ام الدنيا عدد المساهمات : 3126 الموقع : منتدي الارائك الاسلامية العمل/الترفيه : نشر دين الله
منتديات الأرائك احترام قوانين المنتدي: 100 / 100
| موضوع: قصص رواها النبي صلى الله عليه وسلم (2) الأربعاء 17 أغسطس 2011, 9:17 pm | |
| الغلام والساحر
قال الساحر للملك : يا مولاي كبرت سني ، وقلت حركتي ، وضعفت همتي ، وبتأشعرأنني غير قادر على خدمتك تلك الخدمة التي أرضى عنها ، فابعث غلاماًأعلمه السحر، وأدرّبه عليه، فيكون في خدمتك . فاختار الملك غلاماً ذكياً يعلمه الساحر علوم السحر وأفانينه .كان الغلام يذهب إليه كل يوم يأخذ فنون السحر بشغف ، حتى وثق به الساحر ،وجدّفي تعليمه . ومضت الأيام والغلام منهمك في عمله الجديد ، والملكيسأل الساحر عنتلميذه . فيمدحه هذا : إنه ذكيّ نجيب . إنْ يثابر علىهمّته وطموحه يكن له شأنعجيب .حين انطلق الغلام كعادته ذات يوم إلى الساحر ، وكان في الوقت متّسع عرّجعلىالقصر من طريق آخر يسلكه القليل من الناس ، يشرف على وادٍ ذي رياضعامرة ... ماأجمل هذا المكان ؟! ليتني أرتفع إلى الجبل قليلاً فأشرفَعلى منظر أجمل وأبهى .. وارتفع ، فصدق حدسُه . إن المكان يبدو أكثرتناسقاً ، وأوضح منظراً .. جالببصره هنا وهناك ، فرأى كوخاً في زاويةالطريق الملتوي الصاعد إلى القمّة،فحدّثتـْه نفسُه أن يأتيه مستكشفاً .. فماذا يفعل أصحابه بعيداً عن الناس إلاإذا كانوا يحبون العزلة،ويفضّلون الهدوء ! لما وصله رأى فيه رجلاً تبدو عليهسيما الوقار والجلال، يشخص ببصره إلى السماء يدعو ويبتهل . فدنا منه يصغي إلىدعائه . فسمعقولاً يدل على حبّ وودّ، وذل وخضوع يوجّهه الرجل إلى محبوب لايراهالغلام ، إنما يأنس إليه ويشعر بوجوده . .. وحين أنهى الرجل دعاءه التفت إلى الفتى مبتسماً يقول :أهلاً بك يا بني ، وهداك الله إلى الحق والإيمان .قال الفتى : أي حقّ وأي إيمان تعنيه يا عمّاه ؟! .قال الرجل : الإيمان بخالق السموات والأرض ومن فيهنّ ، بارئ النسمة وفالقالحبّة .قال الفتى : أتقصد الملك ، يا عمّاه ؟.قال الرجل : حاشاه أن يكون كذلك ، إنه مخلوق ضعيف ، ممن خلقه الله ، لا يملكلنفسه ضراً ولا نفعاً .قال الفتى : إن الساحر أخبرني أن الملك إلهنا وخالقنا ، والساحر يعلمني السحركي اكون في خدمة الملك .قال الرجل : وهل يحتاج الخالق إلى مخلوقه يا بنيّ ؟! وكيف يكون إلهاًوهويأكلويشرب ، وينام ويستيقظ ؟ إنه مثلك ، يا بنيّ . بل أنت أفضل منه،لأنه يحتاجك ،ولا تحتاجه ، وتخدمه ، ولا يقدّم لك شيئاً .نزل هذا الكلام في قلب الغلام منزلاً حسناً ، فهو يخاطب الفطرة ويمازج العقلوالقلب ، فقال له : علمني يا سيدي مما علمك الله . فبدأ الراهب العابد يعلمه العقيدة الصحيحة ، ويعرّفه بالله خالق الكون ومدبّرالأمر سبحانه .وكثر تردد الفتى على الراهب في طريقه إلى الساحر ، فكان إذا تاخر عليهضربه . فشكا إلى الراهب ما يفعله الساحر به . فقال له : إذا خشيت الساحرفقل : أخّرنيأهلي ، وإذا خشيت أهلك فقل : أخّرني الساحر . ..فبينما الفتى على ذلك إذْ مرّ في طريقه على أناس وقفوا على الطريق لايتجاوزونهخوفاً من دابّة عظيمة قطعت الطريق ، وحبست الناس . فقال فينفسه : اليوم أعرفآلساحر أفضل أم الراهب أفضل ؟. فأخذ حجراً ، وقال : اللهم ، إن كان أمر الراهبأحبّ إليك من أمر الساحر فاقتل هذه الدابّةحتى يمضي الناس ؟ فرماها ، فقتلها . ومضى الناس ، فأتى الراهبَ ، فأخبرهبما فعل . قال له الراهب : أي بني ؛ أنت اليوم أفضل مني . فإن كنتَ قد استجاب اللهدعاءكفقد قبلك ، وسيبتليك ، ويختبر إيمانك . فإن ابتليتَ فلا تدُلّعليّ . وعرف الناس فضل الغلام ، فصاروا يقصدونه ، فيشفي الله على يديه الأكمَهَوالأبرصَ ، ويداوي الناسَ من سائر الأدواء حتى انتشر صيتُه ، وذاعأمرُهبينالناس . فسمع جليسٌ للملك كان قد عميَ بما يفعل الفتى ، فأتاهبهداياكثيرة ،وقال له : كلُّ ما بين يديّ من الأموال والهدايا لك ، إنْ شفيتـَني .قال الغلام : أنا لا أشفي أحداً ، إنما اللهُ الشافي ، فإن آمنْتَ باللهتعالىدعوتُ الله فشفاك ... وهكذا يكون الداعيةُ إلى الله تعالى ،صادقاًمخلصاًلمولاه ، ينسب الخير إليه ، ويدعو العباد إلى الإيمانبربهم ،ويصلهم به . فآمنالرجل بالله ، ودعا الغلام له بالشفاء ، فشفاهاللهتعالى لإيمانه به . فجاءالملكَ يجلس إليه كما كان يجلس . فقال الملك : من ردّ عليكَ بصرَك ؟ ولو كان إلهاً ما سأله هذا السؤال ...قال الجليس : إنه ربي . قال الملك المتجبر الضالّ : أَوَلك ربّ غيري ؟!.قال الرجل بلهجة المؤمن التقيّ : ربّي وربّك الله .ثارت ثائرة الملك ، إذ كيف يتّخذ الرجلُ ربّاً سواه ؟ بل كيف ينكرألوهيّةالملك ويقرنه به عبداً لله؟! .. فأخذه ، فلم يزل يعذّبه حتى دلّعلى الفتى .فلمّا مثـُل الفتى بين يدي الملك قال له الملك متعجّباً : أيْ بنيّ قدبلغ منسحرك ما تبرئ به المرضى ، وتفعل العجائب ، وتقدر على مالا يقدرعليه غيرك ؟! قال الفتى بلهجة الوائق بالله ، المؤمن بربه ، الذي لا يخاف أحداً : إننيلاأشفي أحداً ، إنما يشفي اللهُ تعالى خالق الكون ومدبرُ أمره ،الذييعلم السرّوأخفى ، وهو على كل شيء قدير . غضب الملك ، وهدّده بالعذاب الأليم إنْ لم يرجعْ إلى ما كان عليه ... إلىالضلال بعد الهدى ، والظلام بعد النور ، والسفاهة بعد الحكمة .. فبدأزبانيتهيعذبون الفتى ، علّهم يعرفون من علّمه هذا ، وجرّأه علىالملك . فصبر وتحمّل ،فزادوا في تعذيبه حتى انهار ، فدلّ على الراهب ،فجيء به ،وعُذّب ليعود عندينه ، فأبى . فدعا الملك بالمنشار ، فوضعهفي مفرقرأسه ، فشقّه حتى وقعشِقّاه . ثمّ جيء بجليس الملك ، فقيل له : ارجع عندينك ، فأبى ، فوُضع المنشارفي مفرق رأسه ، فشقّه به حتى وقعشِقّاه . ... وطارت روحاهما إلى بارئهمامؤمنتين طاهرتين .إن المؤمن حين يلامس الإيمانُ شَغاف قلبه لا يأبهُ بالمغريات ، ولا يخافالعذاب، إنما يبقى ثابتاً ثبات الجبال الرواسي ، صامداً لا يعرفالهلعُمن الموتطريقاً إليه . وأمر الملك زبانيته أن يجرّوا إليه الغلام مكبّلاً ، ففعلوا . فأمره أنيعود عندينه إلى عبادته ، فأبى . فهدّده بالويل والثبور وعظائم الأمور ،فازداد إيماناًبربّه وتمسّكاً بدينه . فلم يأمر بقتله لأنه بحاجة إليه ، فهو الذي يهيئه على يد الساحر ليكونالأداةالتي يسحر بها قلوب الأمة ، فيسلب إرادتها ، وتخر له ساجدة تسبحبحمده وتقدس له . . فصمّم على إرهابه وتخويفه ، فقال لبعض جنوده علىمسمعٍ من الفتى :اذهبوا به إلى أعلى جبل في مملكتي ، فاصعدوا به الجبل ، فإذا بلغتمذروتَهفمروه أن يرجع إلى صوابه! ، فإن أصرّ على عناده فاطرحوه في الواديالسحيق ليكونمزقاً تأكله حشرات الأرض . .. فذهبوا به ، فصعدوا الجبل ،وراودوه عن دينه ،فالتجأ إلى الله تعالى أن يدفع عنه كيدهم . فكانتالمفاجأة ُ العجيبة ُ .. لقدلبى الله القادر على كل شيء نداءَه ، فرجفالجبل بهم ، فسقطوا في الهاوية التيخوّفوه بها .. وسلّمه الله .. فجاءيمشي إلى الملك يخبره بنجاته وهلاكهم ، علّهيرعوي عن غيّه ، ويسلّمبالحقيقة ... وأنّى للأعمى أن يُبصر طريقاً ، وللأصمّأن يسمع حديثاً ؟! .. لقد ركبه الشيطانُ وأقسم ليوردنّه موارد الهلاك ، فدفعهإلى بعضجنودهقائلاً : لئنْ سلمْتَ من اليابسة إنك لن تسلم من الماء .وأمرهم أن يأخذوه إلى عرض البحر ، ويراودوه عن دينه ، فإن أبى فلْيطرحوهفيالماء مقروناً إلى قطع الحديد تغوص به إلى القاع ، فيكون طعاماًلحيتانه . ففعلوا . فلمّا توسّطوا البحر خوّفوه ، ورغّبوه ، فلم يُفلحوا معه ،فلمّاهمّوا أن يُلقوه في الماء قال : يارب ؛ ليس لي سواك ، فنجّني فيالثانية كمانجّيتني في الأولى . .. ويا لروعة النداء! ويا لسرعةالاستجابة ! لقد انكفأتبهم السفينة ، فغرقوا جميعاً إلا الذي أراد اللهسبحانه له النجاة .فجاء يمشي إلى الملك يتحدّاه .فقال له الملك : أين أصحابك ؟! .قال الفتى : كفانيهم الله تعالى ، أيها الملك ؛ ما زال في الوقت متّسع ،ورحمةالله قريب من المحسنين ، فكن من المؤمنين ، فما يفيدك جبروتكشيئاً ..قال الملك : لأقتلنّك أو تعودَ إلى عبادتي .فلما عرف الفتى أن الملك قد ران الكفر على قلبه ، وملك جوانحه أراد أنيعلّمالناس أن الملك ضعيف مهما تجبر ، وأنه مَهين لا يملك من القوّةالحقيقية شيئاً، فلجأ إلى طريقة تعرّي الملك ، وتظهره على حقيقته أمامالناس جميعاً في صعيدواحد .قال : أيها الملك ؛ إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به . قال الملك : ماهو ؟ .قال الفتى : تجمع الناس في متسع من الأرض رحبٍ ، وتصلبني على جذع شجرة ،ثمتأخذ سهماً من كنانتي ، ثم تضع السهم وسط القوس ، ثم تصيح بصوت عاليسمعهالجميع : باسم رب هذا الغلام... ثم ارمني ، فإنّك إن فعلْتَ ذلكقتلتَني . لم ينتبه الملك إلى قصد الفتى من جمع الناس ، إنما كان همّـه قتل الفتىوالتخلّص منه . فجمع الناس يوهمهم أنه قادر على قتل الغلام أمامهم ، وإثباتِ ألوهيّته المهزوزةأمامهم . فقد كثر حديثُهم ولغَـَطُهم ...وفعل ما أمر به الفتى ، وصاح بأعلى صوته : باسم ربّ الغلام . ثم رماه ،فوقعالسهم في صدغه ، فمات الفتى شهيداً ، تصعد روحه إلى السموات العلا .صاح الناس صيحة واحدة ملأت الآفاق : آمنّا بربّ الغلام . . ودخل الناس في دينالله أفواجاً . ما هذا ؟! نكون في أمر فتىً واحدٍ ، فيصبح الناسُ كلهم على دينه ؟! .. حسبتأنني تخلصت منه ، فإذا الناس جميعاً يؤمنون بما آمن به ؟ ... احتالعليّ ،فأظهر ضعفي أمامهم ، ووضع من هيبتي في قلوبهم ؟!... لأذيقنّهمالموتَ أهوالاً .. أنا الذي أميت واحيي ... أنا من يأمر فيُطاع... وينهى ،فيُنتهى عما نهى .وجمع جنودَه ، فأمرهم أن يحفروا الخنادق ،فحفروا . وأن يجمعوا الحطب ،فجمعوا . وأن يوقدوا فيها النيران ، فاوقدوا . فلمّا تأجّجتْ أمر الناسأن يعودوا إلىدينهم ، فأبَوا ... وهل يعود إلى الكفر من ذاق طعم الإيمان؟! وهل يرجع إلىالسفاهة من أوتي الحكمة ؟! لا وألف لا ... إذاًأقحموهمالنارَ .. فبدأ الجنودُيدفعون المؤمنين إليها ... منظر رهيبعجيب .. إننار الدنيا لأهون من نارالآخرة .. إن لقاء الله خير منالدنيا وماعليها .... جموع المؤمنين تصلى النارغير هيّابة ولا وجلة ،يكبّرون ،ويهللون ، ويقتحمون النار . وكان فيهم امرأة تحمل وليدها .. يا رب أرمي بنفسي ؟ ...أنا راضية بذلك . ولكنكيف أرمي بولدي ؟! أنا راضية باحتراقي ، ولكنْ ولدي.. وفلذةُ كبدي ! ما أفعل به؛ يا ربّ ؟ أأرميه في هذا الأتون ؟! .. فأنطق الله وليدها،فسمعته يقول : ياأماه ؛ اصبري ، فإنك على الحق ... فرمت به ، ورمتبنفسها ، فكانت من الخالدين . رواه مسلمرياض الصالحين ، باب النصر | |
|