اثر علو الهمه في اصلاح الفرد و الامه:فهي سلم الرقي الي الكمال الممكن في كل ابواب الخير.ابن الجوزي :" من علامه كمال العقل علو الهمه والراضي بالدون دني"
ان استشعار الداعيه لسمو غايته ونباله اهدافه لن يتم بدون همة عاليه.
ابن القيم : "المطلب الاعلى موقوف حصوله علي همه عاليه ونيه صحيحه فمن فقدها تعذر عليه الوصول اليه فالنيه تفرد له الطريق والهمه تفرد له المطلوب فاذا توجد مطلوب والطريق الموصله اليه كان للوصول غايته"
من تحلى بالهمه العالية هم الذين يبذلون ويضحون هم الذين ينتشلون الأمه من وحل الوهن والضعف هم القمر المنير فى ليل الأمه المظلم.فالهمه العالية تنتشل الفرد نفسه من عبوديه لها ويرتقى ومن ثم ترتقى الأمه وتكون الهمه سببا ً فى اصلاح الفرد والأمه.
-على عكس ساقطى الهمه :فهناك موقف ذلك الجندى التترى عندما كان يأمر المسلم الذى سقطت همته بالقوعود مكانه أينما يذهب فيحضر شيئا يقتله به فيستسلم لذلك ويجلس له حتى يقتله.
خصائص عالى الهمه:
1- شرف النفس وعلو القدر
فعالى الهمه عنده احترام للنفس وثقه بها ولا يستهين بها ولا يستطيع الشيطان أن يقعده عن العمل لأنه لا يصلح لهذا العمل
ويقول الدكتور عبدالله الحسن :"ومن الثقه بالنفس معرفتها والتوجه إلى المعالى دائما أما رأيت ذلك الرجل الذى قيل له عندى لك حويجه فقال اطلب لها رجيلا فإنه يبحث عن القضايا التى يطلب لها الرجال."
حتى طلاب الدنيا ذو الهمه العالية مثل يزيد بن المهلب -كان أحد الأمراء فى الجاهليه-حبس وعندما هرب من الحبس مر برهط من الرعاه فقال لغلامه :استسقنا منهم فسقوه
فقال: أعطهم ألفا
قال: إن هؤلاء لا يعرفونك
فقال:ولكنى أعرف نفسى .فكيف بهم أهل الدين التى يجب أن تكون هممهم اعلى وأسمى .
2-علاما يندم عالى الهمه
فهو كائن مميز حتى فى ندمه ترى علاما يندم
قالرسول الله صلى الله عليه وسلم :
(ليس يتحسر أهل الجنة على شيء إلا على ساعة مرت بهم لم يذكروا الله عز وجل فيها)
فعالى الهمه يندم على لحظات مرت دون أن يغتنمها فى طاعة الله ويغرم على أيام مرت فى معصية الله.
وقد شهد خالد بن الوليد عشرات المعارك بعد إسلامه، وقد روي أنه قال على فراش الموت:"ما في جسدي شبر إلا وفيه ضربة أو رمية سهم. وها أنا أموت على فراشي حتف أنفي كما يموت البعير .. فلا نامت أعين الجبناء".
ويبكى عامر بن قيس على فراش موته ويقول:"ماأبكى جزعا من الموت ولكن أبكى على ظمأ الهواجر وعلى قيام الليالى الشاتيه."
-أكد لأحد الصالحين حدبثا لم يسمعه فجعل يقول "واحزناه" وكان يقول" إنى لأذكر الحديث فيفوتنى فأمرض"
-وهكذا الداعيه لا يتحسر على حسيس وإنما تكون حسرته على خير فاته ,على عمل لم يشارك فيه ويكون الندم حافز بعد ذلك للتسابق فى الخيرات.
3- عالى الهمه لا يستوحش
يقول الفضيل :"الزم طريق الهدى ولا يضرك قلة السالكين واياك وطريق الضلاله ولا تغتر بكثرة الهالكين"
-قال بعض الصالحين "انفرادك فى طريق طلبك دليل على صدق الطلب"
فهو لا يأبه بقلة السالكين ووحشة الطريق لانه استأنس بالله.
يقول عبد الوهاب عزام:
قال صاحبٌ أراك غريباً بين هذى الأنام مامن خليل
قلت كلا بل الأنام غريب أنا فى عالمى وهذى سبيلى
-فليمض الداعية إلى الله فى طريقه وليعلم أن دعوته ستبقى ولو كان هو الوحيد الذى يعتنقها فقد كتب الله أن تسود دعوته.
4- صاحب الهمه لا يرضى إلا بمعالى الأمور
فهو تغلى همته فى قلبه غليان ما فى القدور فلا يحن إلى راحة ولا يميل إلى كسل ويعلم أنه دائما فى سباق فلا يرضى إلا أن يكون فى المقدمة.
الداعية المؤمن راحته فى تعبه وتعبه فى راحته
سئل الأمام أحمد بن حنبل "متى يجد المؤمن طعم الراحه ؟قال عند أول قدم يضعها فى الجنه"
الداعية عالى الهمه يعلم أته إان لم يزد شيئا فى الدنيا فسيكون زائدا عليها ومن ثم فهو لا يرضى أن يحى على هامش الحياة.فهو يقتحم بتوكله على الله الصعاب"من صدق توكله على الله فى حصول شئ ناله."
فهو ذو نفس تواقه لا يقنع بما وصل إليه فيسعى لأعلى منها يقول الخليفة عمر بن عبد العزيز:
"إن لي نفساً تواقة، وما حققت شيئاً إلا تاقت لما هو أعلى منه ،تاقت نفسي إلى الزواج من ابنة عمي فاطمة بنت عبد الملك فتزوجتها، ثم تاقت نفسي إلى الإمارة فوليتها، وتاقت نفسي إلى الخلافة فنلتها،والآن يا رجاء تاقت نفسي إلى الجنة فأرجو أن أكون من أهلها."
يقول ابن الجوزى:
"فينبغي للعاقل أن ينتهي إلى غاية ما يمكنه .
فلو كان يتصور للآدمي صعود السموات ، لرأيت من أقبح النقائص رضاه بالأرض .
ونتناول فى الجزء القادم مجلات علو الهمه وأسباب الوصول إليها
و لو كانت النبوة تحصل بالإجتهاد ، رأيت المقصر في تحصيلها في حضيض . غير أنه إذا لم يمكن ذلك فينبغي أن يطلب الممكن .
و السيرة الجميلة عند الحكماء خروج النفس إلى غاية كمالها الممكن لها في العلم و العمل ".